31/10/2010 - 11:02

أن تكون بطلا في فيلم لابتسام مراعنة../ راجي بطحيش

-

أن تكون بطلا في فيلم لابتسام مراعنة../ راجي بطحيش
لا أعتقد (أو هكذا آمل) أن أحدا ممن حضر العرض الاحتفالي لفيلم "ليدي كل العرب" لإبتسام مراعنة في مهرجان القدس الدولي للأفلام والذي يدور في خلفية مسابقات جمال صحيفة "كل العرب" و"إسرائيل" قد يكون مغرما بمثل هذه المسابقات أو حتى يؤيدها بل على العكس فقد كان الحضور نخبويا جدا، ولنقل أنه خليط من نقاد السينما الكبار وأعضاء الكنيست من اليسار ووجوه بارزة من صناع الأفلام الوثائقية، وبعض الممثلين وناشطي الجمعيات الأهلية الإنسانية وبعض الشخصيات الملونة التي تتميز بنمط حياة فاقع كالمثليين التحوليين وغيرهم إضافة إلى النخب من المدينتين المتزاحمتين على ضبط الإيقاع في البلاد (وأقصد هنا تل أبيب والقدس)... وإذا لم يكن حجم التصفيق في الختام تأييدا لخيار الجمال على طريقة العالم الغربي... فإنه بالتأكيد كان نابعا من فائض توتر وقلق على مصير دعاء أو... انجلينا...

ودعاء فارس...أو انجلينا (لمن لا يعرف القصة) هي فتاة درزية من منطقة الرامة صاحبة وعي وتطلع يتناسل بإستمرار غير مكتفية بجوائز الترضية للحياة ولا بالوسطية على أشكالها.. لم يقنعها (وبحق) مجرد الاشتراك بمسابقة جمال محلية أقصى نتائجها الظهور على غلاف مجلة "ليدي"، بل هي تطمح بالوصول إلى "ميلانو" و"باريس" و"نيويورك" (ومن حقها) ولكن... وبما أننا ممنوعون من المشاركة بمسابقات كملكة جمال لبنان (ليس فقط لمجرد أننا لسنا لبنانيين) فإن الحل (بالطبع) هو ملكة جمال إسرائيل أو الرقص مع الشيطان بعينه، فبصراحة لم يكن مصير رنا رسلان "الكوزموبوليتي" سيئا إلى هذه الدرجة، ولنقل أنه أفضل من مصير حياة فتاة من عائلة مسحوقة في وادي النسناس.. وبين "ليدي كل العرب" و"ملكة جمال إسرائيل" تقع انجلينا في مصيبتين؛ أولها سجن والدها بسبب السرقة وثانيها التهديد بالقتل على خلفية شرف الطائفة إن هي اشتركت في المسابقة الإسرائيلية وارتدت المايوه ببث مباشر ...

لقد جاء التصفيق في النهاية متأثرا بمشهد قوي تجلس دعاء فيه أمام شيخ طائفتها الذي يبشرها بترحيبه بها مجددا (بعد خسارتها المشاركة في المسابقتين) بين أحضان القرية النائية التي لا تفضي إلى أي مكان والطائفة المعانقة حتى الهلاك... بينما تنعكس على عيون دعاء الجميلة أنوار "باريس" وهي تخفت وتبتعد... وخيالات لحياة باهتة رمادية تقترب منها لتطبق على أنفاسها... حياة لا تستوعب ما باتت تعرفه تلك العيون...

وما العمل إن كانت حياة الأطراف الرمادية الوسطية لا تلائم الجميع؟

حاولت بصفتي أحد أبطال أفلام ابتسام مراعنة الثلاثة الأخيرة أن أجد خيطا يجمع بيني (غرفة في تل أبيب) وبين انجلينا (ليدي كل العرب)... وختام (طالق بالثلاثة)، ولم يتبادر إلى ذهني سوى شكل واحد يمثل زاوية حادة ... نعم ترفض الشخصيات الثلاثة التنازل عما تصبو إليه من حياة مغايرة ذات زخم ولكنها تنحشر داخل زاوية حادة تحاول التحرك داخلها والتسلق على منحنياتها اللزجة عبثا... إنها زوايا حادة أضلاعها التخلف المجتمعي والاحتلال كمثال... السجن والسجن الداخلي... البطش الذكوري والبطش العسكري... الهويات العالمية وسجن الهوية الإسرائيلية كورقة... هكذا هي شخصيات ابتسام مراعنة قد تتسلق وتصل إلى خلاصها وقد لا تجد سقفه أبدا....

التعليقات